الخميس، 9 يونيو 2011

العقل والدين .. والمعضلة الاخلاقية..!



العقل والدين .. والمعضلة الاخلاقيه ..!!

*

لطالما إختلف الفلاسفة والمفكرين في رؤاهم تجاه المنظومة الاخلاقية للإنسان وماهيتها والأسس والمبادئ التي يجب أن تنطلق منها وقد كان لكل منهم فلسفتة الخاصه في تحديد الجانب الملهم إلى الاخلاق الحسنى فيما بين العقل والدين .

والحديث عن الأخلاق يجرنا إلى الحديث عن الخير والشر فكيف نعرف أن هذا الفعل أو ذاك التصرف خير أو شر؟
انقسم الفلاسفة في الإجابة على هذا السؤال إلى رأيين مشهورين فالرأي الأول يرى أن في كل إنسان قوة غريزية يستطيع بها أن يميز بين الخير والشر وبين الحق والباطل والإنسان يستطيع حسب هذه القوة الغريزية الحكم بأن هذا الفعل خير أو شر وهي قوة غريزية غير مكتسبة مثل العين والإذن وغيرها ويسمى مذهب «اللقانة» أو «الحدس» ومن اهم المنظرين له كارليل وفخته وكانط وغيرهم.

بينما ذهب الفريق الآخر إلى إنكار هذه الغريزة وقالوا :

إن معرفتنا للخير والشر تعتمد على التجربة وتنمو بتقدم الزمان وترقي الفكر وإن التجربة هي التي تعلمنا إن كان هذا العمل خيرا أو شرا وتسمى بمذهب التجربة أو مذهب التطور لأنهم قالوا إن الأخلاق الإنسانية تتطور من جيل إلى آخر ومن زمن إلى آخر والأخلاق في القرن العشرين – مثلا – هي غير عن القرون الوسطى فضلا عن القرون الأولى قبل تطور الكائن البشري وارتقائه من البدائية الأولى إلى المدنية وأبرز من يمثل هذا الاتجاه الفيلسوف المعروف هربرت سبنسر .

-تعليقي-
شخصياً ,, أؤمن وبشده بالفلسفة التي تقول أن العقل هو الملهم والمصدر الاساسي الذي يستمد الإنسان منه الأخلاق وهو الماهيه التي يستند عليها وبها حكمه على هذا الفعل  إن كان هو خيراً أو شراُ , ومعرفة الخير والتحلي بالأخلاق الحميده تحقق العداله والفضيله ومن خلالها نصل الى السعاده التي نبتغيها جميعاً مرتكزا في هذا على فلسفتي الشخصية التي تقوم على مبدأ ان العقل هو الحياة والحياة هي العقل .
بالعقل نميز الخير ونسعى الى تحقيقة للوصول الى السعاده التي تأتي بـ تحقيق العداله التي تتأتى جراء السعي خلف الفضيله التي تعتبر الأساس والدعامه التي تقوم عليها الاخلاق الحسنى الباعثه للخير الذي ميزناه بالعقل .! (:

>> بإختصار <<

لولا العقل لما شعرنا بالحياة
ولولا الحياة لما كان هناك عقل !!
هناك عدد من الفلاسفة إتخذ هذا المنحى في فلسفتهم عن العداله والسعاده والفضيله وما يهمنا هنا هي الاخلاق بالرجة الاولى ومنهم فيلسوف الفلاسفة (أفلاطون)
ينظر أفلاطون إلى النظرية الأخلاقية من خلال نظريته الاجتماعية حيث يقول :إن ما يحمل قيمة حقيقية هي ثلاثة أمور: العدالة والجمال والحقيقة وأرجع هذه الأمور الثلاثة إلى شيء واحد وهو الخير وهو الشيء الوحيد الذي يجب السعي إليه والعمل من اجله وهو الذي تقوم عليه الأخلاق.

ويقول أيضا تبعا لأستاذه سقراط :إن معرفة الخير تكفي للقيام به إذ أنه من غير المعقول وغير المنطقي أن يصل الإنسان إلى معرفة الخير ولا يؤديه وأن سبب عدم العمل به هو الجهل ولذلك ولأجل محاربة فساد الأخلاق فيجب القضاء أولا على الجهل ولذلك يرى أفلاطون أن الإنسان إذا أصبح فيلسوفا فإنه سوف يصبح إنسانا جيدا بالتأكيد فمن المستحيل أن يكون المرء فيلسوفا وفاقدا للأخلاق الحسنة لأن السوء يأتي من الجهل .

-تعليق-
يلمح افلاطون هنا إلى أن المعرفه تقضي على الجهل ولكنه لم يخبرنا ان كانت المعرفة وحدها المؤديه الى الاخلاق الحسنى أم انها عامل مهم تؤدي اليها (وليست المؤديه إليها ) وهناك فرق في أ ل التعريف ..!!

- أيضا فإنه من الذكاء الربط بين الجهل والاخلاق الفاسده لانها واقعيا تكاد تكون متلازمة بنسبة كبير بين البشر ..!!


أما أرسطو فإنه يخالف إستاذه أفلاطون إذ يقول أن المعرفه وحدها لا تكفي للوصول إلى الاخلاق الحسنى بل انه يرى ان النفس ينبغي أن تخضع إلى التربية بمعنى أن نوجد بالنفس ملكات الفضائل وهذا ما يحصل من خلال الممارسه المستمره في رعاية حد الإعتدال والوسط عند الفرد .
أيضا وحسب نظرية أرسطو فإن الإنسان طالب للسعادة وليس للخير كما يقول أفلاطون ولذلك يعتقد أرسطو بأن الفضائل والأخلاق هي وسائل للوصول إلى الهدف الذي يسعى إليه الإنسان ويعمل من أجله الذي هو السعادة لأن الهدف هو ما نتمناه ونطلبه والوسيلة هي ما نفكر به ونختاره فالأفعال المتعلقة بالوسيلة ينبغي أن تكون اختيارية لهذا فإن رعاية الفضائل أمر متعلق بالوسيلة.

-تعليقي-
رغم هذا الاختلاف الفلسفي المعتاد بينهما إلا انهم إتفقا على أن المصدر واحد للهدف والوسيله ألا وهو العقل وهو ما أرمي إليه في مقالي هذا .

هذه هي المنظومة الاخلاقيه وفق المعايير الفلسفية وقد ذكرنا منها فلسفة أفلاطون وأرسطو كمثال رغم ان الكثير من الفلاسفة خاضوا في شأنها إلا أنه لايسعني المجال لذكر المزيد منها الآن .


أما النظرة الدينيه لهذه المنظومة الاخلاقيه فقد كان لها رأي آخر مخالف لرؤا الفلاسفة نتفهمه من خلال الآتي :

في المنظومة الدينية فإن المصدر الوحيد لمعرفة الخير والشر هو النص وأقصد بالنص هنا القرآن الكريم والأحاديث المروية عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولذلك يرى الأشاعرة وهم الجمهور الأعظم من المسلمين أن الشرع وحده هو الذي يحدد ما هو الخير وما هو الشر بينما العقل يؤكد حكم الشرع على خلاف المعتزلة الذين ذهبوا إلى القول بالحسن والقبح العقليين وتبعهم في ذلك جمهور الشيعة من الإمامية والزيدية وإن كانوا لم ينكروا حجية الشرع وإنما قالوا: إن ما ينص عليه الشرع هو إثبات لحكم العقل وليس العكس.

أما الباحث العراقي الأستاذ أحمد القبانجي فقد أنتقد بدوره النظرية الفلسفية للأخلاق لأنها حسب تعبيره تستبعد في معيارها كل ما يمت إلى الله والدين بصلة لأن الله في الفكر الإسلامي هو المحور الأساسي للعقيدة والأخلاق وجميع سلوكيات الفرد المؤمن وتساءل قائلا: كيف نستغني في سلوكنا الأخلاقي عن مفهوم الألوهية ورضا الله تعالى في حين إن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يحصر الهدف من بعثته ومن الدين في إتمام السلوك الإنساني كما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

-تعليقي-
ألغت المؤسسة الدينيه العقل تماما وجعلته عبدا للنص وإعتبرته مجرد شاهدا لثبوته ولمدى شرعيته وإنتماءه للسنه النبويه من عدمه كما انها عطلت وظيفة العقل الاساسيه للانسان فيها وإختزلت حياتة في السمع والمشاهده فقط أما الأخلاق فإنها تملى عليه وعلية إتباعها وليس له الحق في الخوض فيها وفي فعاليتها ومصداقيتها إن كانت هي فعلا تمثل الخير والشر الحقيقي في الحياة أم لا ..!!

أيضا , فإننا وفق هذه النظرة الدينيه للأخلاق نكون امام معضلة أخرى وتعدد الاديان والمذاهب وبالتالي تعدد وإزدواجية ونسبية  الأخلاق من مكان لآخر ..!!

أيضا , وجراء هذا النهج الديني المنقسم والمختلف والمتبع في فهم وممارسة الأخلاق الحسنى المناسبة للحياة , فإننا نرى هذه الفواجع والمآسي التي تسببها الصراعات والتناحرات بين الأيدلوجيات الدينيه المختلفه بين بعضها البعض .


فهل أنت مع  منظومة أخلاقية يحددها ويقيمها العقل !؟
أم أنك مع تلك الأخلاقيات الجاهزه التي حددها الدين إليك مسبقا !؟
أم أن لك رأي شخصي آخر في هذه المعضلة الأخلاقيه !؟

-------------------------------------------------
بعض مصادر النص منقوله
المصادر
( مدخل الى الفلسفة )
( حكمة الغرب ) + ( الحكمة العملية )
------------------------------------------------


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق